يواجه المحررون الذين تعرضوا للتعذيب عواقب نفسية عميقة تؤثر على سلامتهم وقدرتهم على استئناف حياتهم ومهنهم، و يعد تقديم الدعم في هذه الحالات عملية دقيقة تتطلب الحساسية والاحترافية ونهجًا يركز على احتياجات الناجين. أهم الخطوات الأساسية لتقديم هذا الدعم بفعالية:
الخطوة الأولى هي التأكد من أن الشخص يشعر بالأمان جسديًا وعاطفيًا. يعد إنشاء مساحة هادئة وخاصة، خالية من التهديدات أو عوامل التشتيت أمرًا ضروريًا، بالإضافة إلى ذلك، من المهم التأكد من أن كل ما تتم مشاركته سيتم التعامل معه بسرية تامة، مما يساعد على بناء الثقة.
الاستماع النشط و التعاطف أمر ضروري. يتضمن ذلك السماح للشخص بالتعبير عن مشاعره دون حكم أو ضغط، و من المهم التحقق من صحة مشاعرهم، والاعتراف بالألم والمعاناة التي مروا بها، وطمأنتهم بأن مشاعرهم مفهومة وطبيعية بالنظر إلى ما مروا به.
لا ينبغي الإصرار على مشاركتهم تفاصيل محددة عن التعذيب الذي تعرضوا له، لأن هذا قد يعيد فتح الجروح العاطفية، وبدلاً من ذلك، ينبغي أن تقتصر الأسئلة على ما هو ضروري للغاية لفهم احتياجاتهم الحالية.
يمكن للصدمة أن تجعل الناجين يشعرون وكأنهم فقدوا السيطرة على حياتهم. لذلك، من المهم تمكينهم، مما يسمح لهم باتخاذ القرارات في عملية تعافيهم. إن احترام وقتهم وأسلوب حياتهم يساعد في إعادة بناء إحساسهم بالاستقلالية والكرامة.
يمكن أن يكون توفير الأدوات اللازمة لإدارة القلق والتوتر مفيدًا جدًا. يمكن أن يساعدهم العمل على الجانب الروحاني و الأنشطة المختلفة مثل تقنيات التنفس العميق أو الاسترخاء أو اليقظة الذهنية على استيعاب واقهم الجديد وتقليل شدة الأعراض المؤلمة التي مروا بها.
يمكن أن تكون المساعدة في ربط الناجي بالعائلة أو الأصدقاء أو مجموعات الدعم مصدرًا مهمًا للدعم العاطفي، بالإضافة إلى ذلك، فإن ربطهم بالمنظمات المتخصصة في رعاية الناجين من التعذيب يمكن أن يوفر لهم موارد إضافية للتعافي.
دعم الأخصائي الاجتماعي أمر ضروري. يمكن أن تكون العلاجات مفيدة و غنية مثل العلاج السلوكي المعرفي الذي يركز على العلاج من الصدمات (TCC)، و لكن إذا كانت الأعراض شديدة، فقد يكون التدخل النفسي ضروريًا أيضًا.
يمكن أن تكون الأنشطة الإبداعية وسيلة للتعبير والشفاء، يمكن أن تساعدهم الكتابة أو الرسم أو الصحافة الإبداعية في معالجة تجاربهم بشكل بناء، أما في مكان العمل، فمن الضروري خلق بيئة داعمة ومرنة تدعم عودتهم التدريجية.
إن تشجيع الروتين الصحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وتخصيص وقت للأنشطة التي يستمتعون بها يمكن أن تحسن صحتهم بشكل عام الجسدية و النفسية. على الرغم من أن العزلة قد تكون مغرية لهم، إلا أن تشجيعهم على الحفاظ على الروابط الاجتماعية يمكن أن يكون مفيدًا، مع احترام احتياجاتهم ورغباتهم دائمًا.
إن الدعم النفسي للمحررين الذين نجوا من التعذيب يتطلب الإنسانية والصبر والالتزام. يستجيب كل شخص بطريقة مختلفة عن الآخر، لذلك من الضروري تصميم برامج التدخل وفقًا لاحتياجاتهم المحددة، ومن خلال الدعم المناسب، يمكن للناجين إيجاد طريق للتعافي وإعادة بناء حياتهم.